مراجعة No Man's Sky
إذا حاولت التفكير في ما يمكن للاعب أن يفعله إذا تواجدت لعبة تفتح له المجرة بأكملها للتجول فيها ،ستكون الأفكار التي طرأت إلي دماغك كثيرة جداً ،وإذا اتجهت بتلك الأفكار ،واشتريت لعبة No Man's Sky لتجربها ،لن تشعر بالرضي بشكل كامل لأن لعبة ستوديو Hello Games أثقلت نفسها بالوعود عن حجم عالمها ،وعمق وأهمية عامل الاستكشاف الذي ستجلبه بشكل غير مسبوق إلي لعبتها ،دون الاهتمام بتغذيه الدافع للاستكشاف الذي علي اللاعب القيام به في اللعبة!
لعبة ستوديو Hello Games أثقلت نفسها بالوعود عن حجم عالمها ،وعمق وأهمية عامل الاستكشاف الذي ستجلبه
اللعبة تبدأ بتعطل سفينتك علي احد الكواكب ،وتطلب منك البحث عن مجموعة كبيرة من الموارد علي هذا الكوكب لكي تصلح السفينة وتصبح جاهزة للإقلاع مرة أخري ،وبعد التجول في هذا الكوكب ،الذي وبالطبع يكون التجول فيه ممتعاً جداً لأنه أول ما ستراه من اللعبة ،ستشعر بالرضي التام عن التجول رغم خلو الكوكب من أي مخلوقات حية تحاكي البشر من حيث التحضر ،وستكتشف العديد من الأماكن الغريبة التي لا تفسرها اللعبة ،وستقوم باستعمال كم متنوع من الأدوات الحديثة ،ولكن المشكلة سبتدأ معك عند الوصول إلي كوكب جديد ،ستجد أن ما يمكن فعله في الحقيقة لا شيء تقريباً!
الكواكب تختلف عن بعضها من حيث طبيعة المخلوقات التي تعيش عليها ،موقعها من الشمس وبالتالي متوسط حرارتها ،وهو الشيء الذي يؤثر علي النباتات والمعادن في الأرض ،وبالتالي علي الموارد التي ستجدها ،ومن حيث شكل التضاريس ولون الأرض ،وطبيعة الجو من حيث شدة العواصف ومكونات الهواء ،ففي بعض الكواكب تكون مكونات الهواء سامة تماماً ،مما يجعل تعطل بزتك الفضائية يعني الموت فوراً ،ولذلك فإن التنوع هنا شيء جميل وخلاب ،وأغلبية المخلوقات التي ستجدها مصممة باحتراف ،واختلاف تام عن طبيعة أي مخلوق قد رأيته يوماً في حياتك ،ولكن كما ذكرت فإن استغلال كل ذلك لم يكن علي النحو المطلوب ،فكل كوكب تهبط فيه يتم تكليفك بمهمة أو أكثر ،تتمحور حول جمع الموارد ، وصنع أدوات جديدة تساعد في الاستكشاف ،فمثلاً في أول كوكب ستهبط إليه ستطلب منك اللعبة صنع شريحة ذكية تقوم باستخدامها مع جهاز يشبه القمر الصناعي لكشف بعض الأماكن المهمة علي الكوكب ،والتعديل علي سلاحك الذي ستستخدمه لتدمير الصخور للحصول علي الموارد ،أو للقتال في حالة تصرف أي المخلوقات الموجودة عل الكوكب بعنف تجاهك.هذا الشيء جيد ،ولكنه سرعان ما يصبح متكرراً بشكل مضجر ،ولا تحاول اللعبة إيجاد بديل لتشجيع اللاعب علي استكمال التجول من كوكب إلي كوكب.
مع كل كوكب أو موقع غامض تكتشفه تقوم اللعبة بإعطائك عدد من النقاط كمقابل لاستكشافك ،وتقوم أيضاً اللعبة بمكافئتك بالنقاط نفسها كلما استمريت باللعب ،فمثلاً ستحصل علي ألف نقطة (عملة) بعد أن تقطع مسافة محددة مشياً علي الأقدام ،وهذه النقاط يمكنك أن تستخدمها لاحقاً في محال التجارة الخاصة بسكان الكواكب ،أو في المحطات الفضائية لمقايضة أو شراء سفن فضائية أو قطع من سفن.
التعديل علي السفن الفضائية هو أحد أكثر الأشياء إمتاعاً في اللعبة ،فبعد استكشافي لستة كواكب بشكل شبه كامل (لا تستطيع أن تجزم أنك استكشفت الكوكب كاملاً) أكتشفت وجود محطة فضائية قريبة من الكوكب ،فاتجهت إليها ومعي مبلغ كبير من العملات (النقاط) فقمت بتعديل سفينتي الفضائية بشكل كبير لجعلها جاهزة للقتال ،وتبديل محركها الذي يسبب اندفاعها في الفضاء مع محرك سفينة أخري لتكون أكثر سرعة ،إلا أن تطويرات السفينة التي تتيحها لك اللعبة لا تحدث فارق فيما هو أبعد من السرعة والفعالية في المعارك!
المعارك باستخدام المركبة الفضائية كانت إضافة جيدة لأسلوب اللعب خاصة بعد إمضاء ساعات طويلة في استكشاف المساحات الشاسعة من الكواكب ،والمجرات ،ولكن في أول لحظات تلك المعارك ستشعر بقصور تصاميم الأسلحة في اللعبة ،وما أعنيه هنا هو ليس كون تلك المعارك غير ممتعة ،ولكن علاوة علي كونها بلا هدف في أغلب الأحيان (قد يطلب منك التغلب علي مجموعة من السفن الفضائية في مهمة ما) فهي لا توفر أي نوع من أنواع التحدي أو الاختلاف الملموس خلال المعارك بعد تطوير سفينتك ،بل أن التحكم بها لا يزداد سهولة أبداً ،ولا ينفك يذكرك أنه تم تصميمة علي أيادي 13 شخص فقط في ستوديو صغير ،لذا فإن كنت تنوي الاعتماد علي المعارك للتسلية فلن تكون هي أفضل شيء تقوم به في اللعبة.
التصويب في اللعبة هو أحد أسوأ الأشياء ،فيها ،لأنه ليس سلسلاً ولا دقيقاً ،والاهتمام بالأسلحة كان أقل من المطلوب ،فتنوعها هنا مقبول لكنه يشعرك بضعفه في المعارك الكبري مع الكائنات العنيفة ،فتكون لها الأفضلية عليك رغم مهارتك.
الكواكب تبدو مختلفة ،ولكن استكشافها لا يشعرك بذلك ،ولهذا السبب فإن عدد الكواكب لن يؤثر بالإيجاب علي تجربتك كما كنت تتوقعباعتبار اللعبة لعبة استكشاف ،تعتمد علي النجاة كعنصر أساسي داعم لأسلوب اللعب ،فإن اللاعب يبدأ بمجموعة من الأدوات ،تحتاج إلي مجموعة من الموارد لشحنها ،وإصلاحها ،وتلك الأدوات هي الLife Support الذي يحمي اللاعب من تغييرات المناخ في الفضاء ،وعلي الكواكب ،ودرجات الحراراة المختلفة ،ومكونات الهواء السامة والأمطار الحمضية (نظرياً)،وهناك أيضاً الExo Suit التي تحتوي علي Jet Pack وتمكنك من تطويرها علي مدار اللعبة لزيادة قدراتك البدنية ،وهناك أيضاً سلاح الليرز الذي تستخدمه في القتال ،واستخراج الموارد ،وهذه الأشياء تحتاج أن تظل مشحونة بشكل كاف ،ولكي تفعل ذلك ستحتاج مجموعة من المعادن المتوفرة بكثرة علي أغلبية الكواكب ،ولكن الشيء الذي تصنع منه اللعبة تحدياً هو ليس توافر الموارد ،ولكنه كيفية إدارة هذه الموارد مع السعة المحدودة التي تتيحها اللعبة لك في البداية ،بجانب الموارد النادرة التي ستحتاجها لاحقاً ،أو تنوي بيعها لكسب المال ،فاحتياجك لشحن هذه الآلات لن يقل قط ،ولكنك مع الوقت قد تستطيع إضافة سعة زائدة إلي ردائك الفضائي ،وسفينتك.
نظام التجارة نجح بشكل كبير في ضبط موازين اللعبة ،فجمع المال عن طريق بيع الموارد لازال يتطلب وقت طويل ،والأشياء التي تتاح لك خلال التجار في محطات الفضاء تتدرج في قيمتها ،وقوتها علي حد سواء ،فكلما ظننت أن ما يمكنك شراؤه لن يضيف شيئاً وجدت ما يمكن أن يغير أسلوب لعبك تماماً.
لا يتوقف مفهوم النجاة عند هذه الأشياء فقط ،فبعد سفرك لمجرات أخري ستكتشف أن المخلوقات ليست كلها مسالمة ،وستبدأ في مصادفة انواع وأعراق عنيفة من المخلوقات لا يرحبون بالغرباء علي كواكبهم ،فيبدأون في مطاردتك بشكل عنيف ،والاشتباك مع هذه الانواع من الخلوقات هو أحد أمتع الأشياء في اللعبة ،علي الرغم من كون ميكانيكية التصويب متواضعة ،إلا أن الشعور بأنك مطارد من قبل مخلوقات لا تعرف تصرفاتها بشكل كامل هو شعور لم توفره ألعاب كثيرة بنفس الحدة والغرابة.
أفضل لحظاتي مع اللعبة كانت عندما هبطت بسفينتي الأولي علي كوكب يدعي Nicalipisc ،وبدأت باستكشافه ،ولكن سرعان ما اكتشفت كون نباتات هذا الكوكب سامة ،والمخلوقات التي تعيش عليه مخلوقات عدوانية ،فعدت إلي السفينة لأجدها تحتاج إلي وقود ،والذي كان بدوره نادراً علي سطح هذا الكوكب ،فتحولت تجربتي إلي تجربة أشبه بتجربة Alien Isloation ولكن بعالم مفتوح ،وهدف عام هو العثور علي وقدود للمحرك لمغادرة هذا الكوكب!
كلما ظننت أن ما يمكنك شراؤه لن يضيف شيئاً وجدت ما يمكن أن يغير أسلوب لعبك تماماً.
لأن اللعبة هدفها الأساسي هو الاستكشاف ،وأنت في رحلة استكشافية طويلة فيها ،فإنها تتيح لك توثيق استكشافاتك عن طريق آلة التحليل والمسح ،والتي تقوم بتوثيق اكتشافاتك من مخلوقات حية مثل الحيوانات ،والنباتات ،والمعادن والصخور ،والكواكب ،وكل شيء تقريباً عن طريق تدوين جميع البيانات الخاصة به ،ولأن اللعبة تحاول مكافئتك علي الاستكشاف فإن رفع هذه البيانات إلي قاعدة بيانات اللعبة نفسها يتيح لك الحصول علي قدر وفير من الأموال ،فستجد نفسك تحاول توثيق كل شيء ليكون لك السبق في اكتشاف سلالات جديدة ،ونباتات نادرة!
تستخدم اللعبة محرك Havok للرسوم ،وهو المحرك المستخدم في Fallout 4 ،وهو يقدم رسوميات متواضعة إلي حد كبير ،دائماً ما يغلب عليها لون واحد ،وهو الشيء الذي يعطي المناظر الطبيعية للتضاريس المختلفة لكل كوكب طابع كرتوني ،غير واقعي ،ولكن بالطبع يمكننا تفهم هذا الشيء لأن الستوديو المطور ليس ستوديو كبير ،أما عن تصاميم البيئة فهي في الواقع تعاني من التكرار ،فجميع الكواكب تقريباً لا تحتوي علي أماكن يمكن استكشافها فعلياُ بالعدد الكافي ،وعلي العكس تماماً ،فإن تصاميم المخلوقات علي كل كوكب تختلف تماماً ،وهو الشيء الذي أجده الأفضل علي صعيد التصاميم في اللعبة ،أما عن أسوأ شيء حول هذا المحرك فهو فيزياء الحركة ،فهي بطيئة وغير واقعية تماماً.
الصوتيات ربما هي أفضل شيء في اللعبة ،فأصوات الفضاء ،والمخلوقات الحية علي الكواكب ،والهواء ،والعواصف وكل شيء تقريباً يختلف جذرياً عن بعضه في كل كوكب ،ولذلك فإن الهبوط علي بعض الكواكب يكون شيئاً مرعباً في بعض الأحيان بسبب الاصوات التي تصدرها المخلوقات علي الكوكب ،وهو الشيء الذي يبلور شعور مستكشفي الفضاء ،الذي تريدك اللعبة ان تشعر به.
تعاني اللعبة من عيوب تقنية شديدة في نسخة الحاسب ،فقد قمنا بتجربتها باستخدام GTX 960 وكان الأداء سيئاً لدرجة لا توصف ،فقد كانت تهبط حتي 12 إطار في الثانية ،أما علي البلايستيشن 4 فقد كان الأداء أكثر استقراراً إلا أن التفاوت في الTextures والجليتشات الكارثية كانت جزء من التجربة حتي التحديث الاول ،وبعد ذلك اختفي كل شيء وأصبحت اللعبة تعمل بسلاسة.
لا بد أن نشير إلي القيمة الانتاجية المنخفضة للعبة ،فعلي الرغم من أفكارها الطموحة إلا أنها لن تحقق أحلامك ،فيما يتعلق بلعبة الفضاء الشاسع ،ولذلك فإن سؤال الساعة هو كيف للعبة مثل هذه أن تخرج للاعبين بسعر كامل وهو 60$؟
تجربة اللعبة تبدأ بإحباط شديد من البطيء في التقدم ولكنها سرعان ما تستعرض عليك عناصرها الممتعة ،وقد مررت انا بتلك المراحل ،ولكن حتي بعد ذلك لا أعتقد أبداً أنها تسحتق 60$ ،لذلك وإن كنت متردداً حول اقتناء No Man's Sky ،فسأنصحك بالانتظار حتي انخفاض سعرها (عدة أشهر)
كلمة أخيرة
يمكنك مقارنة No Man's Sky بلعبة Mincraft ،لأن كلاهما يتيح حرية غير مسبوقة للاعب في تحديد ماهية شغله الشاغل خلال وقته الذي يقضيه في اللعبة وعالمها ،ولأن No man's sky اجتازت بكل المقاييس معايير الحرية التي نعرفها في ألعاب كبيرة مثل The Witcher 3 مثلاً و Fallout 4 فالأخيرين يمتلكان عالم محدد ،منذ البداية غلي النهاية وقصة تسير في طرق مختلفة إلي نهايات عديدة ،أما هنا فأنت قد لا تلاحظ وجود تفسير لما أنت عليه ،ولكونك في اللعبة من الأساس ،وقد فعلت العديد من الألعاب هذا الشيء بنجاح مثل لعبة SOMA وهي لعبة من نوع الرعب ،وفيها تبدأ القصة من منتصفها ،حيث تستيقظ الشخصية في منتصف الاحداث لتفسر اللعبة للاعبين بعد ذلك القصة كاملةً ،وقد فعلت هذا بشكل ممتاز ،وكانت أحد أفضل ألعاب الرعب للسنة ،ولكن علي الجانب الآخر ، No man's sky تقوم بذلك مع افتقاد للمسة جوهرية كانت من الممكن أن تجعلها لعبة ممتازة ،وهي كيفية مواجهة الملل الناتج عن التكرار ،فكل شيء هنا يكون ممتعاً حتي تقوم بفعله مراراً وتكراراً دون الوصول لشيء مُرضي ،يغذي الحماس بداخلك.في النهاية ،الفضاء في ألعاب الفيديو هو بيئة غير مستكشفة بشكل كاف ،وإن علوم الفضاء لشيء مثير جداً للاهتمام ،والتجول بين تلك الكواكب التي نراها في الأفلام الوثائقية فقط هو حلم من ضمن عد قليل من الأحلام لم تحققه لنا ألعاب الفيديو قبل صدور تلك اللعبة ،وإن منظر الكواكب والمجرات ،والثقوب السوداء ما هو إلا منظر ممتع للعين ،ومسُر للناظرين ولكن دعونا لا ننكر أن أفكار اللعبة الطموحة للغاية لن تشفع لها عن الدعاية المضللة التي نفت تماماً الملل عن اللعبة ،وهو الشيء الذي ستكتشف بنفسك أنه غير صحيح بنسبة كبيرة ،No Man's Sky فشلت في تفادي أحد أكبر مخاوفنا كلاعبين منها ،وهو "كيفية قتل الملل" فهي لم تتمكن من فعل ذلك بشكل صحيح ،وعلي الرغم من ذلك فإنك ستجدها ممتعة لدرجة كبيرة لفترة من الزمن ،ولكن هل تستحق 60$ في نظرك بعد كل ما عرفته عنها ؟
مراجعة No Man's Sky
Reviewed by غير معرف
on
أغسطس 15, 2016
Rating: